مقالات

الجسر الذي لا يجب أن ينقطع

بقلم / جيلان جبر

في زحام التحديات وتقلّبات الواقع، يبقى جسر التواصل بين المواطن والدولة هو الضمانة الحقيقية للوحدة الوطنية والحفاظ على هوية الوطن.
ذلك الجسر يجب أن يكون مشيدًا على ركائز المصداقية، وإشاعة الأمل، واستيعاب الغضب المشروع في ظل ظروف صعبة يمر بها العالم كله، ومصر ليست استثناءً.

نلوم أحيانًا، نعاتب، ونعارض — وهذه كلها مراحل صحية في علاقة الشعوب بأوطانها.
لكن يظل الوطن هو الثابت الذي لا يُستبدل، وإن غادرته الأقدام، يبقى في القلب والروح. فمصر ليست مجرد مكان، بل كيان يسكن كل مصري مخلص، حتى إن غادرها، تظل تسكنه.

نعيش اليوم لحظة استثنائية في تاريخ المنطقة؛ تحولات إقليمية، وصراعات على النفوذ، ومحاولات لإعادة رسم خرائط الشرق الأوسط. وفي خضم هذه المشهد المعقد، يظل التحدي الأكبر هو الحفاظ على ذلك الجسر الذي يربط المواطن بحكومته، ويؤسس للتلاحم الشعبي المطلوب لمواجهة أي خطر داخلي أو خارجي.

لقد أصبح من الضروري أن نُعيد النظر في أساليب الإدارة والإعلام؛
نحتاج إلى خطاب جديد، يعيد الثقة في المستقبل، ويواجه الأزمات بأساليب علمية وواقعية.

نحن لسنا غرباء عن إدارة الأزمات، بل لدينا في مصر عقول وأكاديميات محترفة تدرّس هذا العلم، وتخرّج كفاءات أثبتت جدارتها، وكانت تجربة 30 يونيو خير شاهد على قدرة المصريين على التلاحم والقرار الجماعي وإنقاذ الوطن بإرادة حقيقية لا تنكسر.

ولذلك، فإن دور الإعلام لا يقتصر على نقل الحدث، بل يتجاوز ذلك إلى امتصاص الغضب، وتقديم الحل، وإعادة بناء الثقة.
القوة الناعمة تبدأ من فن التعامل مع المواطن، بالاحترام والشفافية والإنصات لهمومه، سواء كانت مادية، معنوية، أو خدمية.

وفي الخارج، نحتاج إلى جسر آخر… جسر تحسين صورة مصر عالميًا، وتسويق ما نملك من حضارة وإبداع وإنجاز.
نحتاج إلى إعلام دولي مؤثر يبرز جمال مصر، ومكانتها، وقدرتها، وثقافتها، وفنها، وتسامحها، لنستعيد مكانتنا التي تستحقها.

لدينا من الإمكانيات ما يجعلنا قبلة للسينما والفن العالمي، من صحراء سيوة حتى سواحل الإسكندرية، ومن الأوبرا إلى النحاتين والرسامين والمبدعين الذين يمكنهم رسم صورة جديدة لمصر تستحق أن تُرى.

كما نحتاج إلى جسر سياسي واجتماعي جديد مع الأشقاء والمنافسين وحتى الخصوم، نمد فيه يد الحوار بلغة العقل والحكمة، لتظل مصر التي نعرفها — أم الدنيا — الحضن الحامي للجميع.

وربما، يكون تغيير الأساليب، وتجديد الوجوه، وتطوير أدوات الخطاب هو ما نحتاجه لنجدد التفاعل بين الشعب ومؤسساته.
فهناك مجهودات كبيرة تُبذل من صُنّاع القرار، لكن عراقيل التنفيذ ما زالت العقبة الأكبر، لا بسبب الأفراد فقط، بل بسبب أسلوب التواصل والإدارة.

نحن بحاجة إلى خطوات صغيرة، لكنها ذكية ومدروسة، تعيد جذب المواطن، وتستعيد صورة مصر كمجتمع متسامح، مبدع، قادر على تجاوز الصغائر، والارتقاء فوق الانقسامات.

فحين تلتف الجماهير حول وطنها، يصبح هذا الجسر متينًا… لا يهتز، ولا ينكسر.

تحيا مصر… قوية بأبنائها، صادقة في خطابها، ومتصالحة مع نفسها والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Sabung Ayam Online Live Draw Sgp Live Casino Online Mahjong Ways Judi Bola Online Sabung Ayam Online Sbobet88 Live Draw Hk Live Casino Online Mahjong Ways Judi Bola Online Sabung Ayam Online Sabung Ayam Online Live Casino Online Live Casino Online Judi Bola Online Mahjong Ways 2 Judi Bola Online Sv388