العنف ضد المرأة: جريمة متوارثة باسم العادات والتقاليد

بقلم .. نادية عز الدين
العنف ضد المرأة ليس حالة فردية أو مرتبطة بثقافة معينة أو موقع جغرافي محدد، بل هو ظاهرة عالمية تعاني منها النساء في مختلف المجتمعات، وإن اختلفت أشكاله وتبريراته من مكان إلى آخر.
حيث تتعرض المرأة حول العالم لأنواع متعددة من العنف، تبدأ من العنف الجسدي والنفسي، ولا تنتهي عند العنف الاقتصادي والجنسي.
وترجع جذور هذه الأزمة إلى منظومة فكرية قديمة ما زالت قائمة، ترى في المرأة كائنًا أدنى من الرجل، وتمنحه الحق في السيطرة عليها جسديًا وذهنيًا وماديًا. مجتمع يشرعن التسلط ويُطبع العنف باسم الأعراف، والأسرة التي يفترض أن تكون حضن الأمان، تتحول في كثير من الأحيان إلى أول مسرح للانتهاك والقهر.
ما يزيد الأمر تعقيدًا هو أن القوانين في كثير من الدول، إما قاصرة عن حماية المرأة، أو أن تطبيقها بطيء وهش، بينما يُمارس على الضحية ضغط اجتماعي هائل يدفعها إلى الصمت. فكم من امرأة تُجبر على الزواج، أو تُحرم من التعليم، أو تُحبس في بيتها بلا قرار ولا حرية، وكل ذلك يُبرَّر تحت لافتات خادعة مثل “العادات” و”التقاليد” و”الشرف”.
نحن أمام دوائر متكررة من القهر: عنف أسري، تهميش مجتمعي، تجريد من الحقوق، وتراكم نفسي يُنتج في النهاية امرأةً مكسورة، ومجتمعًا متخلفًا لا يمكن أن يتقدم وهو يقهر نصفه.
لكن، هل يمكن التغيير؟ هل يمكن كسر هذه الدائرة؟
الإجابة: نعم، وبكل وضوح. نستطيع التغيير من خلال: تشريع وتفعيل القوانين: تطبيق قوانين صارمة تحمي المرأة من جميع أشكال العنف، وضمان سرعة الفصل في قضايا العنف الأسري والجنسي.
تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا: المرأة القوية ماديًا تكون أكثر قدرة على الاستقلال واتخاذ القرار.
تشجيع النساء على الإفصاح: كسر حاجز الصمت من خلال بيئة آمنة ومحفزة تضمن عدم الوصم.
دور الإعلام المسؤول: وقف تبرير العنف أو تقديمه كأمر اعتيادي، وتقديم نماذج إيجابية للمرأة في الأعمال الفنية والمحتوى الإعلامي.
التربية على المساواة: في البيوت والمدارس، يجب أن يتعلم الأطفال منذ الصغر أن الكرامة لا تُقسم، وأن الاحترام حق للجميع.
في النهاية، العنف ضد المرأة جريمة أخلاقية وإنسانية ومجتمعية. كرامة المرأة ليست رفاهية، بل أساس لكرامة المجتمع كله. فالمرأة ليست نصف المجتمع فقط، بل هي التي تربي وتُعد النصف الآخر. احترام المرأة هو احترام للحياة.
رفقًا بالنساء… فكل صفعة على وجه امرأة، هي صفعة على وجه الإنسانية.