الصراع الإيراني الإسرائيلي في عام 2025: قراءة في التوتر الإقليمي ودور مصر المتوازن

بقلم: لواء مهندس / ابراهيم جاهين
شهد عام 2025 تصاعدًا غير مسبوق في حدة التوتر بين إيران وإسرائيل، وسط معادلات إقليمية متشابكة، وتحولات دولية حساسة. ففي ظل استمرار النزاعات بالوكالة، والتنافس العسكري والتكنولوجي، والتوترات النووية، بات هذا الصراع يُهدد استقرار الشرق الأوسط بأكمله. وفي خضم هذه التعقيدات، برزت مصر كطرف إقليمي يسعى إلى التهدئة، والحفاظ على التوازن، ومنع انزلاق المنطقة نحو حرب مفتوحة.
جذور التوتر وتجلياته في عام 2025
لم يكن الصراع الإيراني الإسرائيلي وليد اللحظة، بل تراكم على مدى عقود، تغذيه الخلافات العقائدية، والطموحات النووية الإيرانية، والسياسات الإسرائيلية تجاه الوجود الإيراني في سوريا ولبنان. غير أن عام 2025 مثّل محطة مفصلية؛ إذ تبادل الطرفان الاتهامات بوقوف كل منهما خلف هجمات سيبرانية، وعمليات اغتيال، وهجمات على منشآت حيوية، بعضها في العمق الإيراني والإسرائيلي.
كما شهد العام تصعيدًا في البحر الأحمر، حيث اتُهمت إسرائيل باستهداف سفن إيرانية مرتبطة بالحرس الثوري، بينما ردّت طهران من خلال تهديد الملاحة الإسرائيلية ومصالحها في المنطقة. وتزامن ذلك مع تصعيد في الجبهة الشمالية لإسرائيل مع حزب الله اللبناني المدعوم من إيران، مما زاد من احتمالات نشوب مواجهة عسكرية مفتوحة.
موقف مصر: الحياد النشط والدور الإقليمي العاقل
وسط هذا التصعيد، حافظت مصر على ما يمكن تسميته بـ”الحياد النشط”، إذ امتنعت عن الانحياز لأي من الطرفين، لكنها لم تلتزم الصمت. بل نشطت دبلوماسيًا عبر قنواتها الإقليمية والدولية لدفع الطرفين إلى ضبط النفس، وتفادي الانفجار الكبير.
ترتكز الرؤية المصرية على ثلاث ركائز أساسية:
1.رفض عسكرة المنطقة: تؤمن القاهرة بأن أي حرب إقليمية جديدة ستؤدي إلى انهيار جهود التنمية والاستقرار في المنطقة، وتُهدد الملاحة الدولية، خاصة في البحر الأحمر وقناة السويس، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري.
2.الدفع نحو الحوار والتهدئة: استخدمت مصر علاقاتها الدبلوماسية مع كل من طهران وتل أبيب لنقل رسائل غير مباشرة، والعمل بالتنسيق مع أطراف دولية مثل الاتحاد الأوروبي، وروسيا، والولايات المتحدة، في سبيل خفض التصعيد.
3.التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية: حذّرت مصر من أن التصعيد الإيراني الإسرائيلي لا يجب أن يُستخدم كذريعة لتهميش القضية الفلسطينية، أو تجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بل يجب أن يُنظر إلى الاستقرار الإقليمي كمنظومة مترابطة تبدأ بحل عادل للقضية الفلسطينية.
مصر وإدارة التوازنات الدقيقة
لم تكن مهمة مصر سهلة، خصوصًا في ظل التناقضات بين علاقاتها المتينة مع دول الخليج، التي تعارض السياسة الإيرانية، وبين حرصها على الحفاظ على قنوات الاتصال مع إيران، بوصفها طرفًا رئيسيًا في معادلة الأمن الإقليمي.
كما تدرك القاهرة أن أمنها القومي مرتبط مباشرةً بأمن البحر الأحمر، الذي بات ساحة ساخنة للتنافس بين إسرائيل وإيران. لذلك، كثفت مصر جهودها لتعزيز التنسيق الأمني مع دول المنطقة، وزيادة جاهزيتها البحرية، دون الانجرار إلى مواجهات أو اصطفافات حادة.
خاتمة
في عام 2025، لم تكن مصر مجرد مراقب للأحداث، بل لعبت دورًا محوريًا في محاولة تطويق الصراع الإيراني الإسرائيلي، وإنقاذ المنطقة من مزيد من الفوضى. وبين التصعيد المحتمل، والانفجار المؤجل، تواصل القاهرة أداء دورها التقليدي كصوت عقلاني، يدعو إلى الحوار، ويوازن بين المصالح، ويضع استقرار الشرق الأوسط فوق كل اعتبار.