الاصطفاف من أجل الوطن

بقلم / د. هشام فهمي
معاون رئيس الوزراء الأسبق والمستشار القانوني
مما لا شك فيه أن ما تمر به الأمة العربية كلها الآن من خطرٍ محدق يحيط بها من كافة الجوانب، يتطلب منا توجيه الدعوة إلى كافة الأطراف الوطنية داخل الدولة المصرية للاحتشاد والاصطفاف، ليس من أجل الوطن فقط، بل من أجل الأمة العربية كلها. بل قد يتطلب الأمر توجيه ذات النداء إلى كافة الدول العربية الشقيقة للاحتشاد معًا من أجل الوقوف أمام هذا الخطر العظيم الذي يسعى إلى تهديد وجود الأمة العربية، ويسعى إلى تفكيكها لرسم خريطة شرق أوسط جديد، وليس فقط منع استقرارها كما يعتقد البعض.
وهو ما تعيه وتعلمه القيادة السياسية بكل وضوح ودقة، وتعمل عليه دون كلل أو ملل. فمحاولات القيادة السياسية المصرية لصد مؤامرات التفكيك لبعض الدول العربية ما زالت قائمة ومستمرة، وهو ما يجب علينا أن نضعه نصب أعيننا دائمًا.
فالمؤامرات التي تُحاك وتضرب بأذرعها في كل أركان البيت العربي، لم تكن وليدة اللحظة التي نمر بها، وإنما بُذرت بذورها ونبتت وترعرعت في غفلة من الأنظمة العربية السابقة – للأسف.
لذلك، أقول لكم وبكل ثقة إن الحرب على هذه المؤامرات تستلزم تضافر كل الجهود سويًا من أجل وضع استراتيجية متكاملة وواضحة للقضاء عليها وصدها، بعيدًا عن بعض الدول الأجنبية الكائدة للدول العربية، والتي لا أستبعد تورطها في دعم هذه المؤامرات وزرع بذور الانقسام بين الدول العربية، وبعيدًا كذلك عن بعض الدول العربية الجاهلة لخطر هذه المؤامرات.
إذًا، إنها الحرب على هذه المؤامرات، تلك الحرب التي تقودها الدولة الآن على كافة الأصعدة، ويجب أن يتم تحديد مهام الجميع بكل دقة حتى نظفر بالنصر المبين.
فإذا كانت مهمة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والشرطة الباسلة المواجهة في المعارك، فمهمة الشعب الوقوف معها في الصفوف الأمامية لأنه طرف في المواجهة. ومهمة الشباب المصري الوطني النقي أن ينتقل إلى ميدان العمل بجد، والإنتاج، واقتلاع جذور الإرهاب والإهمال. فالكل مسؤول عن حماية هذا الوطن ومؤسساته من مؤامرات العمالة والتقسيم التي تُحاك له في كل الأوقات، والتي أؤكد لكم أنها لن تُفلح بمشيئة الله.
نعي جميعًا أن عوامل اعتناق التطرف كثيرة؛ فقد يكون الاقتصاد عاملًا للتطرف، والسياسة قد تكون عاملًا للتطرف، وكذلك التعامل من البعض بصورة غير قانونية، وغيرها من العوامل قد تكون عوامل مساعدة على التطرف.
لقد حان الوقت ليعلم الجميع ما هي مسؤولياته تجاه وطنه. لقد حان الوقت لنُعد أجيالًا قادرة على المعرفة والتواصل، راغبة في حب الخير والسعي إليه. وعلينا أن نخرج من دائرة اللامبالاة التي يعتنقها البعض، إلى دائرة العمل والتحمل والحرص على الوطن وأبنائه. وأن نحتشد ونصطف جميعًا لخلق بيئة ديمقراطية صالحة للعمل من خلالها، للقضاء على كافة المؤامرات، ومنها الإرهاب الأسود، والنهوض بالأمة العربية.
لذلك، فإني أدعو جموع الشعب المصري للوقوف مع كافة مؤسساته، وفي مقدمتها الجيش والشرطة، على قلب رجلٍ واحد، لمواجهة الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الوطن من قوى عديدة. لأن الشعب المصري، الذي هزم مشروع التقسيم الاستعماري، قادر على التصدي لجميع المؤامرات التي تُحاك ضده.
حمى الله مصر وحفظ شعبها وجيشها.