هل حان الوقت لتصفية القضية الفلسطينية؟

بقلم/ المهندس.. مجدي السعدني
مفكر مصري
قد يبدو السؤال غريبًا أو حتى مستهجنًا، ولكن في دوامة الهستيريا السياسية، وفوضى البلطجة الأمريكية، والعربدة العسكرية الإسرائيلية، وفي ظل الانقسامات الحادة بين ضحايا القضية من الفلسطينيين والمستفيدين منها من الفلسطينيين أيضًا وغيرهم من المتاجرين بها، المنتفعين من استمرارها، سواء أكانوا فلسطينيين أو إسرائيليين أو حتى من بعض العرب في المنطقة… كان ولا بد أن يُطرح هذا السؤال، إن لم يكن اليوم، فمن المؤكد أنه سيُطرح بطريقة أو بأخرى، من الداخل الفلسطيني العربي أو من الخارج. فلماذا لا نبادر نحن بطرح هذا السؤال الشائك؟
عزيزي القارئ، أرجو أن تفسح صدرك قليلًا، ولا تتسرع في الاتهام أو السباب أو التجريح… أرجو إمهالي دقائق، أو سطورًا قليلة، للنقاط التالية:
من المفروض أن تكون القضية الفلسطينية منذ عام 1948 قد حققت أي مكاسب سياسية أو عسكرية أو حتى أدبية… وهذا يمكن أن نعترف به، ولكن إما أن الثمن كان باهظًا، أو أن المكسب كان منقوصًا، أو أن من اعترف به وشارك فيه لا يملك حُولًا ولا قوة تمكّنه من تنفيذه. وعليه، فإنني أستطيع الجزم بأن ما كسبته القضية قد خسره الشعب الفلسطيني.
من المؤكد أن فرص السلام بين الغاصب والمغتصَب تتضاءل يومًا بعد يوم، ولا يوجد رجل رشيد في أي بقعة من الأرض، محليًا أو دوليًا، يستطيع أن يقول كلمة حق ويملك القدرة على فرضها.
ولا ننسى أن أفضل فرص للسلام كانت مبادرة السادات، التي رفضها “زعماء فلسطينيون”، والمبادرة السعودية النادرة، التي رفضتها إسرائيل… كما لو أن هناك اتفاقًا ضمنيًا على استمرار الصراع.
الأسوأ هو أن بعض الأطراف غير الإسرائيلية قد أصابها الملل أو اعتراها الفتور من جمود القضية أو تدهورها.
ومن المؤكد أيضًا أن، بفضل بعض الغباء السياسي لدى بعض الفصائل المحسوبة على القضية، أصبح هناك أطراف إقليمية تلعب دورًا في تضخيم أو تحجيم القضية تبعًا لمصالحها، بغض النظر عن مردود ذلك على القضية أو أصحابها.
✓ كما أدى فقدان البوصلة لدى تلك الفصائل إلى أن تحوّلت فوهات السلاح إلى صدور أشقاء عرب، أو حتى إخوة فلسطينيين.
✓ وبمرور الوقت، وتصاعد وهبوط القضية قولًا أو فعلًا، سياسيًا وإعلاميًا، أصبح لها روافد كثيرة تنبع من صلب القضية، ولكنها تصب في غير مصلحة الشعب الفلسطيني.
كل ما سبق كان سردًا أدبيًا غير لطيف بالمرة، ولكنه، مع الأسف، حقيقي… لكنه ضروري حتى نتمكن من الإجابة على السؤال المطروح:
هل حان الوقت لتصفية القضية الفلسطينية؟
الإجابة قد تبدو صادمة، ولكن دعونا نتمهّل…
نعم، من الممكن تصفية القضية الفلسطينية.
لكن الأهم هو: كيف يمكن تصفية القضية؟ ليس بسذاجة فكرة التهجير، أو احتلال أرض جديدة، أو غير ذلك من هلاوس اليمين الإسرائيلي–الأمريكي…
تصفية القضية الفلسطينية يجب أن تكون فقط على يد أصحابها وبرضاهم أو عدمه.
وبما أننا نعيش في عالم تسوده الحرية والديمقراطية، فإنني أطرح ما يلي حتى نتمكن من تصفية القضية:
1- يتم استفتاء – بإشراف دولي حقيقي – يشارك فيه كل من:
كل من يحمل هوية فلسطينية
كل من يحمل جواز سفر فلسطيني
كل الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي
كل من يحمل جنسية أخرى ويكون من أصل فلسطيني
باختصار: كل الفلسطينيين الأحياء في العالم يشاركون في هذا الاستفتاء، والذي يكون ملخصه الاختيار بين:
هل أنت موافق على تصفية القضية؟ نعم / لا
إن كنت من سكان الأرض المحتلة، هل تقبل الرحيل عن أرضك بشكل نهائي؟ نعم / لا
إن كنت من سكان أي بلد آخر غير فلسطين، هل تقبل الاستغناء عن حق العودة؟ نعم / لا
وبناءً على نتيجة الاستفتاء الشفاف، يمكن للجميع أن يرتاح، لو أن الغالبية وافقت على التصفية. وعندها، تكون جميع أبواب دول العالم – دون استثناء – مفتوحة أمام أي فلسطيني يدخل من أي باب يشاء، ويقيم في أي دولة، ويحصل فورًا على جنسية تلك الدولة.
وإن رفض الشعب الفلسطيني تصفية القضية، فعلينا جميعًا أن نستعد لجولة جديدة من الصراع بكافة أشكاله، والتي قد تدوم 77 سنة أخرى أو أكثر. ولكن هذه المرة، سيكون الصراع تحت مظلة الاستفتاء الدولي الديمقراطي.
ما سبق ليس من قبيل المهاترة أو المتاجرة بالقضية المؤلمة، التي يخسر فيها أصحابها يومًا بعد يوم، إما بفضل غباء البعض، أو عمالة البعض، أو استغلال الطرف الآخر لكل من الأغبياء والعملاء.
وأخيرًا، أنا على استعداد لمناقشة أي تفصيلة، والرد على أي سؤال بشكل مفصل إن لزم الأمر.
ملحوظة رقم 1: هذا الكلام إلى من يهمه الأمر من الفلسطينيين، ومن يهمه أمر الفلسطينيين.
ملحوظة رقم 2: أنا متأكد من نتيجة الاستفتاء.