مصر والقضية الفلسطينية: دور محوري في ظل العدوان على غزة

بقلم .. جمال سالم

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، والذي يُعد الأكثر دموية في تاريخ الصراع، برزت مصر مجددًا كلاعب إقليمي محوري، تتحرك على المستويين السياسي والإنساني، وتُثبت مجددًا التزامها الثابت تجاه القضية الفلسطينية.

ففي ظل انهيار البنية التحتية للقطاع وسقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، سارعت القاهرة إلى لعب دور الوسيط الدبلوماسي عبر قنوات مفتوحة مع الأطراف الفاعلة، لا سيما قطر والولايات المتحدة. وقد ركزت التحركات المصرية على تثبيت هدَن إنسانية، التمهيد لتبادل الأسرى، واحتواء التوتر المتصاعد، وسط تعقيدات إقليمية ودولية أثّرت على فرص التهدئة.

جهود إنسانية مكثفة رغم التحديات
على الصعيد الميداني، أدّت مصر دورًا إنسانيًا فعّالًا، تمثّل في فتح معبر رفح لإدخال المساعدات الطارئة، واستقبال الجرحى الفلسطينيين للعلاج في المستشفيات المصرية، إضافة إلى تسيير قوافل دعم طبي وغذائي بتنسيق مباشر مع الهلال الأحمر المصري وعدد من الجمعيات الأهلية.

ورغم التهديدات الأمنية على الحدود، حرصت مصر على الحفاظ على هذا الشريان الإنساني الوحيد الذي ربط غزة بالعالم الخارجي، مؤكدة التزامها الثابت برفض الحصار الجماعي وعمليات العقاب الجماعي بحق المدنيين.
رفض قاطع لمشاريع التهجير

سياسيًا، عبّرت القاهرة مرارًا عن رفضها لأي محاولة لفرض واقع ديموغرافي جديد في غزة عبر التهجير القسري أو إعادة التوطين في سيناء أو غيرها، واعتبرت ذلك انتهاكًا للسيادة الفلسطينية وتهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري. وشددت على أن الحل الحقيقي يكمن في وقف العدوان، وإنهاء الاحتلال، والانخراط في مسار سلام عادل وشامل.

السلطة الفلسطينية… حضور سياسي وتحرك دبلوماسي
على الجانب الفلسطيني الرسمي، تحرّكت السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس دبلوماسيًا، عبر الأمم المتحدة والجامعة العربية، للمطالبة بوقف إطلاق النار، وفضح جرائم الاحتلال أمام المجتمع الدولي. ورغم انقسام الساحة الفلسطينية وغياب السلطة عن غزة منذ 2007، إلا أن السلطة عبّرت عن استعدادها للمساهمة في إعادة الإعمار، وإدارة ما بعد الحرب، بالتنسيق مع مصر والأطراف الدولية. وتسعى السلطة حاليًا لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتعزيز وجودها في ملفات إدارة المعابر وإعادة الإعمار، ما يجعلها جزءًا من أي ترتيبات قادمة تتعلق بمستقبل غزة.

شكر وتقدير للدور المصري
لا بد من الإشادة بالدور الكبير الذي تقوم به مصر في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ القضية الفلسطينية. فقد أثبتت مصر أنها الحاضن الحقيقي للقضية، وصوت الحكمة والضمير العربي، من خلال مواقفها السياسية الثابتة، وتحركاتها الميدانية التي لم تنقطع حتى في أشد الظروف.

إن ما تقوم به مصر من جهد سياسي وإنساني يستحق التقدير، ويؤكد على مسؤولية تاريخية تتحملها بكل وعي، دفاعًا عن الحقوق الفلسطينية، واستقرار المنطقة بأسرها.