الدكتور حمدي عرفة : حوادث الطرق “طرقٌ للموت” وتكلف الدول 3% من ناتجها المحلي.. وأرقام مصر تدق ناقوس الخطر

الجسر – خاص
في ظل تصاعد أرقام ضحايا حوادث الطرق على مستوى العالم، ومع تزايد المخاطر في الدول النامية وعلى رأسها مصر، يؤكد الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة الحكومية وخبير المحليات، أن ملف “حوادث الطرق” لم يعد مجرد إحصائيات سنوية بل تحول إلى أزمة إنسانية واقتصادية وأمن قومي، تتطلب تدخلاً مؤسسيًا عاجلًا على المستويين المحلي والدولي.
وفي تحليل شامل يستند إلى بيانات الأمم المتحدة، وتقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، يسلّط الدكتور عرفة الضوء على أخطر ملامح الظاهرة، وأسبابها، وتداعياتها الكارثية، والمسؤوليات القانونية الملقاة على عاتق المحافظين والسلطات التنفيذية.
حوادث الطرق: موت صامت عالميًا
قال في رصده أن نحو 1.25 مليون شخص حول العالم يلقون مصرعهم سنويًا بسبب حوادث المرور، وما بين 20 و50 مليون شخص يصابون سنويًا بإصابات غير مميتة، كثير منها يؤدي إلى عاهات مستديمة، وتمثل حوادث الطرق السبب الأول للوفاة بين الفئة العمرية من 15 إلى 29 عامًا، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوادث المرور تكلّف الدول حوالي 3% من ناتجها المحلي الإجمالي، وهو رقم مفزع يكشف حجم التأثير الاقتصادي طويل الأمد.
من الأكثر تأثرًا بالحوادث؟
وفي رصده سلّط الدكتور حمدي عرفة، الضوؤ على عدد من الأرقام منها أن 90% من الوفيات الناتجة عن حوادث الطرق تقع في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، رغم امتلاكها 45% فقط من المركبات العالمية، كما تقع 48% من وفيات الحوادث بين الفئة العمرية من 15 إلى 44 عامًا، وأن الذكور أكثر عرضة للوفاة بثلاثة أضعاف مقارنة بالإناث، وتمثل وفيات الذكور دون سن 25 ما نسبته 73% من إجمالي وفيات الحوادث، والمشاة وراكبو الدراجات هم النسبة الأعلى من الضحايا فيما يعرف بـ “مستخدمي الطرق شديدي التأثر”.
السرعة والمخدرات والكحول.. ثالوث الموت
وقال أن زيادة 1 كم/س في سرعة السيارة ترفع احتمالات الحوادث المميتة بنسبة 4-5%، واحتمال وفاة شخص صدمته سيارة بسرعة 80 كم/س يصل إلى 60%، مقارنة بـ20% فقط إذا كانت السرعة 50 كم/س، والقيادة تحت تأثير المخدرات أو الكحول تضاعف فرص الحوادث المميتة والإصابات الخطيرة.
أرقام رسمية من داخل مصر
و بحسب بيانات “الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء”، يؤكد الدكتور عرفة أن: عدد المتوفين سنويًا في مصر بسبب حوادث الطرق يبلغ نحو 5,260 حالة، وإجمالي الإصابات في حوادث الطرق يصل إلى 76,362 إصابة سنويًا، وأن محافظة الدقهلية سجلت أعلى عدد إصابات (15,563 إصابة)، بينما جاءت محافظة السويس بأقل عدد (39 إصابة فقط).
ويؤكد د.عرفة أن “المسؤولية القانونية” عن أعمال صيانة الطرق ومنع الحوادث تقع على عاتق المحافظين بالتنسيق مع الجهات الحكومية، بموجب قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979، وتحديدًا المادة 25.
الحلول الوقائية التي يجب أن تتصدر
يوضح عرفة أن الالتزام بوسائل الحماية والتوعية قد يحد من أعداد الضحايا: حيث أن استخدام الخوذ يقلل الوفيات في حوادث الدراجات بنسبة 40%، وأحزمة الأمان تقلل من خطر الوفاة لركاب المقاعد الأمامية بنسبة 50%، وأدوات تقييد الأطفال تقلل وفيات الرضّع بنسبة 70%، والأطفال بنسبة تصل إلى 80%.
هل نحتاج إلى “حكومة مرور وطنية”؟
في ختام تحليله، يقترح الدكتور حمدي عرفة ضرورة تأسيس كيان وطني متخصص لإدارة منظومة المرور والتخطيط الآمن للطرق، يتبع رئاسة الوزراء، ويضم في عضويته ممثلين عن الوزارات المعنية والمحافظات ومراكز البحث والتطوير، بالإضافة إلى خبراء دوليين في سلامة الطرق.
ويختتم عرفة بقوله:
“كل دقيقة تمرّ بلا إصلاح في هذا الملف، هي دقيقة تقترب فيها سيارة من حافة موت جديد.. إصلاح الطرق يبدأ بإصلاح منظومة الحكم المحلي والمساءلة الحقيقية.”