مقالات

“في اليوم العالمي للإحتفاء بدور المرأة الإفريقية، 31 يوليو من كل عام” «المرأة الإفريقية ومجتمعها المدني: صوت القارةٍ في قلب التغيير»

رامي زُهدي
خبير الشؤون الإفريقية السياسية والاقتصادية، مساعد رئيس حزب الوعي
نائب رئيس مركز العرب للدراسات الإفريقية والاستراتيجية

في كل عام، وتحديدًا في الحادي والثلاثين من يوليو، يُرفع الستار عن واحدة من أعمق الحلقات في التاريخ الإفريقي الحديث، حين نستعيد الذكرى التأسيسية لمنظمة المرأة الإفريقية عام 1962، من دار السلام، التي تحوّلت من لحظة سياسية عابرة إلى موعد سنوي للاعتراف بدور النساء في بناء مجتمعات إفريقيا الحديثة، سياسيًا واقتصاديًا، ولكن أيضًا وبشكل متعاظم في فضاء المجتمع المدني.

ولم يكن للمجتمع المدني الإفريقي أن يتمدد ويشتبك مع قضايا القارة الكبرى من الفقر، إلى النزوح، وإلى التحولات البيئية، دون الرافعة الأساسية وهي المرأة القوية المؤثرة.
ففي معظم دول القارة، لم تنتظر النساء أن تُمنح لهن المساحات، بل اقتحمنها بوعي واحتراف، وكنّ أول من بادر بتأسيس الجمعيات المحلية، والمبادرات النسوية، والشبكات الإقليمية العابرة للحدود، دفاعًا عن حقوق المرأة والطفل، وتعزيزًا للحكم الرشيد، وترسيخًا لثقافة السلام والعدالة المجتمعية.

بينما، تشير تقارير الاتحاد الإفريقي ومنظمات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 60% من العاملين في المجتمع المدني الإفريقي من النساء، سواء كقيادات أو ككوادر ميدانية. في وقت تُعد النساء من أكثر المؤسسين للجمعيات المسجلة في الدول الإفريقية، لا سيما في شرق إفريقيا (أوغندا، كينيا، تنزانيا)، وغرب إفريقيا (غانا، نيجيريا، السنغال).

وفي مناطق النزاع، تُشكل النساء ما لا يقل عن 70% من فرق الوساطة المحلية والشبكات المجتمعية للإنذار المبكر وبناء السلام.

الخطاب التقليدي عن النساء في المجتمع المدني كان، ولم يزل، يُصوّر المرأة كمستفيدة من نشاط أهلي أو كمستهدَفة من مشروع تنموي. لكن الواقع الإفريقي يكشف عن صورة مغايرة، فالمرأة في المجتمعات الأهلية الإفريقية هي المبادرة، والمصمّمة، والمنفّذة، والمُقيمة.

من برامج محو الأمية في قرى الكاميرون، إلى دعم الأرامل في جنوب السودان، إلى تدريب الفتيات على المهارات الرقمية في أكرا، إلى حملات الصحة الإنجابية في غينيا، المرأة هي من تمسك بعجلة التغيير.

ورغم هذا الدور الحاسم، لا تزال المرأة الإفريقية في المجتمع المدني تواجه مجموعة من التحديات البنيوية والمعيقة، منها ضعف التمويل، واعتماده في كثير من الأحيان على مصادر خارجية لا تراعي الأولويات المحلية.

وتغوّل البيروقراطية الرسمية، وغياب بيئة تشريعية داعمة للجمعيات النسائية.

وكذلك، القيود الثقافية في بعض المجتمعات التي تُقصي النساء من دائرة القرار الأهلي.

إضافة إلي، استنزاف القيادات النسائية الشابة في صراعات إثبات الذات وسط أطر تقليدية من الذكورية المقنّعة.

ونحن اليوم بحاجة إلى تحول نوعي في نظرتنا لدور المرأة الإفريقية داخل المجتمع المدني، لا باعتباره دورًا مكملًا، بل أساسيًا في صياغة أجندة القارة.

ربما، نحتاج إلي إطلاق شبكة قارية لدعم وتمكين النساء العاملات في المجتمع المدني، على مستوى التدريب والتمويل والتشبيك الدولي.

والعمل علي إدماج قضايا المرأة بشكل واضح في استراتيجيات المنظمات الكبرى العاملة في التنمية وحقوق الإنسان في إفريقيا.

وكذلك، فتح مسارات للقيادات النسائية في المجتمع المدني لدخول دوائر صنع القرار السياسي والاقتصادي، بوصفهن صانعات تغيير حقيقي.

والعمل الجاد علي تشجيع التحالفات النسوية الإفريقية العابرة للحدود، خاصة في قضايا المناخ، التعليم، حقوق اللاجئات، وبناء السلام.

وبالتأكيد، إصلاح البيئة القانونية المنظمة للمجتمع المدني، لتكون أكثر عدالة تجاه الجمعيات التي تقودها نساء.

الاحتفاء لا يكفي في الحقيقية، بل وجب إنصاف دائم وكام، في مثل هذا اليوم، لا نكتفي بالاحتفال الرمزي، بل نجدد التزامنا العملي تجاه المرأة الإفريقية في المجال المدني.
ونقول لها:
أنتِ لستِ مجرد عنوان للاحتفاء، بل عنوان للصمود المتكرر، والنجاح المتجدد، والشراكة التي لا تُختزل في يوم أو مناسبة.

فالمرأة الإفريقية في المجتمع المدني لم تعد فقط “صوتًا”، بل أصبحت “بوصلة”.

ومن أراد فهم التحولات الاجتماعية في القارة، فليبدأ من قصص النساء في الجمعيات والمبادرات والمراكز المجتمعية…
هناك تُكتب خريطة إفريقيا الجديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Judi Bola Online Judi Bola Online Sv388 Judi Bola Online https://doctorsnutritionprogram.com/ https://nielsen-restaurante.com/ https://www.atobapizzaria.com.br/ https://casadeapoio.com.br/ https://bracoalemao.com.br/ https://letspetsresort.com.br/ https://mmsolucoesweb.com.br/ https://procao.com.br/