
أشعل الرئيس الأمريكي ترامب حرب دبلوماسية ضارية بمجرد أن أطلق تصريحه المندفع نحو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى كل من مصر والأردن الذي تابعه بهجوم من التصريحات والمناوشات على الساحة الإعلامية العالمية، أدت هذه التصريحات إلى تحركات كثيرة وكبيرة من دول المواجهة (الأردن ومصر .. تحركات سياسيه ودبلوماسية وعسكرية استعداداً للمواجهة المرتقبة، وبالطبع كانت هذه التصريحات أمل مدفون في نفوس اليمين المتطرف الاسرائيلي يسعى إليه في الخفاء فأصبح حقيقه يمكن التمسك بها إلى النهاية وتداعت الاحداث بين الجميع بصورة معقدة
الكل بات متحفز ومستنفر سواء على المستوى الرئاسي أو المستوى الشعبي وأصبح ما يدور هو محور الحياة اليومي ففي مصر اجتمع الجميع دون تفرقه على قلب رجل واحد لرفض ما يملى علينا وضد سلب أراضينا، وفي لحظة ظهرت روح التحدي والقوة في قلوبنا ضد كل من يفكر في المساس بأرضنا.
الموقف جعلني اتأمل في ما يحدث وأفكر هل ترامب جاء ليؤجج المنطقة لتشتعل أكثر ما هي مشتعلة ؟ أم يريد التهدئة الحقيقة ؟ عندما نفكر جيداً في هذا السؤال نجد أن ترامب جاء في الأصل لإصلاح الاقتصاد الأمريكي فالولايات المتحدة الأمريكية مديونة بأكثر من 36 ترليون دولار وهي أكبر دولة مديونة في العالم لهذا فترامب يسعى جاهدا للإصلاح الذي لا يتم الا بوقف الحروب وليس اندلاعها ولذلك هو يسعى إلى وقف كل النزاعات المسلحة التي تستنزف الاقتصاد الأمريكي ومن ضمنها إسرائيل في منطقه الشرق الأوسط ولان أى حرب تقع بها إسرائيل تقود أمريكا إلى مناصرة إسرائيل وصراعاتها مكلفة جدا للاقتصاد الأمريكي.
من هذا يأتي السؤال الثاني وهو لماذا اذن التصريح المندفع الذي صرح به وهل هذا التصريح كما يقول سيتم فعلا أم لا؟ وللإجابة على هذا السؤال يجب ان نتفحص الأمر فإلى الآن التصريحات الأمريكية تصريحات اعلامية لم ترتقي إلى مستوى التطبيق ولكنها تزيد من الاحتقان في المنطقة ولو تأملنا جيدا ستجد أن كل هذه التصريحات ليس لها حتى الآن مرجع تخطيطي فلم تعلن أمريكا عن كيفيه تطبيق المقترح أو المدة الزمنية أو التكلفة الفعلية كما انه ضرب من الخيال تهجير حوالي 2 مليون مواطن فلسطيني بهذه الصورة وبالسهولة المطروحة فالأمر نظري وليس عملي
من هنا يأتي سؤالي التالي ما السبب في تفجير هذا الموضوع هكذا؟ استطيع ان أقول أن ترامب يريد حل عربي واضح للقضية ويكونو العرب مسئولين على تطبيقه والا ما كان تصريحه (هذه هي خطتي وإن كان العرب لا يوافقون عليها فعلى العرب تقديم خطة بديلة فهذا هو الوقت المناسب لتقديم الحل ومن هنا تحركت مصر لتقديم خطه لإعادة تعمير غزة من جديد وأهلها في داخلها دون تهجير من خلال رفع الركام وعمل حوالى 20 منطقه سكنيه في خلال من 5 إلى 6 سنوات تقريبا، وطرحت هذه الخطة على القمة الخماسية التي عقدت في السعودية يوم 20 فبراير الماضي على أن يقوم ولى عهد السعودية بمناقشتها مع ترامب
لكن الخطة المشار إليها ستجد الكثير من الصعوبات لتحقيقها مثل: أولا: عدم موافقه نتنياهو واليمين المتطرف فهو أمر بديهي لأن الخطة سوف تدمر أحلامهم لكن من الممكن أن يقوم ترامب بالضغط عليهم
ثانيا: عدم موافقة ترامب على الخطة الا بتواجد دور قوي للشركات الأمريكية في عملية الإعمار للحصول على العديد من المميزات أولها المكاسب الاقتصادية وأهمها أن الشركات التي ستعمل في اعمار غزه سوف تطلع على كل ما هو موجود اسفل التربة وبالتالي ستعلم ما تخفيه حماس من اتفاق وكيفية بنائها وعمقها وهي معلومات لم يستطيعوا الحصول عليها مسبقا .
ثالثا: صعوبة الحصول على التمويل الذي سيكون بالطبع النصيب الأكبر على العرب والبعض على الاتحاد الأروبي والاشراف من الأمم المتحدة
لكن من المؤكد أن اليمين المتطرف سيزرع الكثير من العواقب ومنها الضغط على مصر لعدم تطبيق الخطة فهل سيقودنا هذا للدخول في مواجهة عسكريه مع إسرائيل؟ انا لا اعتقد أن كلتا الطرفين يريدون هذه المواجهة أولا: لأن إسرائيل موجهة حاليا كل قوتها إلى ايران وازرعها ولا يزال هناك نية لضرب البرنامج النووي الإيراني
ثانيا: لقوة الجيش المصري الجيش المنظم الوحيد الذي يستطيع أن يقود مواجهة طويلة معه، أما مصر فهي لا تريد حتى الآن الزج في مواجهة مسلحة مع الكيان أو غيره وعقيدتها العسكرية هي الدفاع عن الأرض والعرض وليس الهجوم والتهور.
القدرات المصرية التي ظهرت في التصدي لهذه المعركة الدبلوماسية أظهرت مدى قوة مصر الشديدة الصلبة التي بدت من خلال وحدة شعبها وقيادتها وجيشها على قلب رجل واحد واستعادة روح حرب العبور المجيدة ووقوف المعارضة بجوار الحكومة يد واحده، كما ظهرت قوه جيشنا وصلابته واتزانه وقدرته، أما إدارة الأزمة فهي تسير حتى الآن بخطى ثابته مستنيرة وعمل شعبي ودبلوماسي وعسكري متناغم ومؤثر.
مصر بلد قوي تملك قوى شديدة وتملك تأثير قوى فهي الوحيدة التي تستطيع توحيد كلمة العرب. مرشح من كل شريف الذي ما أن نهض نهضت معه الأمة الإسلامية، مرشح كنيسة الإسكندرية المتواجدة في العالم كله، نحن دولتنا لا نستهان بها
وتحيا مصر عزيزة قوية تجري حبها في عروقنا