الأمم المتحدة تؤكد ضرورة وضع حد “للكابوس التاريخي” في غزة فورا

الجسر – خاص
مع استمرار المحادثات المكثفة حول وقف إطلاق نار محتمل واتفاق بشأن الرهائن في غزة، حذّرت الأمم المتحدة من أن “الوضع المروع” في القطاع يتدهور باستمرار، في خضم اتساع
والأعمال العدائية وتزايد الخسائر البشرية “ساعة بعد ساعة”، وشددت على ضرورة وضع حدٍ لهذا “الكابوس ذي الأبعاد التاريخية” فورا.
هذا ما جاء على لسان خالد خياري، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، خلال حديثه في المناقشة المفتوحة ربع السنوية لمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية. وقد ترأس الاجتماع محمد إسحاق دار، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الباكستاني الذي تترأس بلاده مجلس الأمن لشهر يوليو.
وقال خالد خياري، إن العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في دير البلح، والتي أدت إلى مزيد من نزوح الفلسطينيين والضربات المباشرة على منزلي ضيافة تابعين للأمم المتحدة، “فاقمت الوضع المتردي وأعاقت العمليات الإنسانية”.
وقال المسؤول الأممي إن ما لا يقل عن 1,891 فلسطينيا قُتلوا في غزة منذ إحاطته الأخيرة في 30 يونيو، وفقا لوزارة الصحة في غزة. وأفيد بأن حوالي 294 شخصا قُتلوا أثناء محاولتهم جمع المساعدات، بما في ذلك بالقرب من مواقع توزيع المساعدات العسكرية. وواصلت القوات الإسرائيلية إصدار أوامر الإخلاء، مما تسبب في نزوح متكرر للسكان. وأضاف خياري أن الوضع داخل القطاع – وخاصة بالنسبة للنساء والأطفال – “أكثر خطورة من أي وقت مضى في هذه الأزمة”.
وبشأن أزمة الوقود في القطاع، قال خالد خياري، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، إن السلطات الإسرائيلية بدخول عدد قليل من شاحنات الوقود عبر معبر كرم أبو سالم، منذ 9 يوليو، وبعد 130 يوما من الحظر الكامل على الوقود، لكنه أشار إلى أن الكميات التي سمح بدخولها “لا تمثل سوى جزء ضئيل مما هو مطلوب لتشغيل الخدمات الأساسية المنقذة للحياة في غزة، حيث تعتمد جميع جوانب الحياة تقريبا على الوقود”.
وناشد الأطراف إنهاء الحرب، وإطلاق سراح جميع الرهائن، والسماح للسكان الفلسطينيين في غزة بالحصول على المساعدة الإنسانية التي هم في أمس الحاجة إليها. وفي هذا السياق، حث جميع الدول الأعضاء، بما في ذلك أعضاء المجلس، “على اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتحقيق هذه الغاية”.
وقال إن الوضع في الضفة الغربية المحتلة لا يزال مقلقا للغاية، مع ارتفاع مستويات العنف الناجمة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة، والتي تنطوي على العديد من الإصابات في صفوف المدنيين وأضرار جسيمة في المنازل والبنية التحتية، وهجمات المستوطنين على الفلسطينيين، وهجمات الفلسطينيين على الإسرائيليين.
وقال إن التقدم الاستيطاني مستمر أيضا، حيث كثف العديد من الوزراء وأعضاء الكنيست دعواتهم للحكومة لضم الضفة الغربية رسميا أو أجزاء منها.
وأشار مساعد الأمين العام إلى أن السلطة الفلسطينية لا تزال تواجه أزمة مالية حادة، الأمر الذي قال إنه يؤثر بشدة على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الأساسية والحفاظ على الخدمات العامة الأساسية”.
وأضاف: “ما لم تتم معالجة تدهور الوضع المالي والمؤسسي للسلطة الفلسطينية على وجه السرعة، فقد يكون لذلك عواقب وخيمة، مما يقوض التقدم الكبير المحرز على مدى سنوات عديدة لبناء المؤسسات الفلسطينية. من الضروري أن يقدم المجتمع الدولي دعما فوريا لمواجهة تحدياتها المالية، وتعزيز قدرتها على الحوكمة، وإعدادها لاستئناف مسؤولياتها في غزة”.
وفي خضم هذه الأزمات المتعددة، أخبر خالد خياري، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، المجلس أن الأونروا لا تزال تواجه ضغوطا تشغيلية وسياسية ومالية هائلة، وقد فقدت 330 من موظفيها في الحرب في غزة. وأضاف: “لا يمكنني المبالغة حول مدى خطورة الأزمة المالية للوكالة. بناء على التوقعات الحالية، لا يوجد ما يكفي من المال لدعم جميع العمليات في جميع المجالات بعد أغسطس 2025”.
وقال مساعد الأمين العام إن هناك حاجة إلى خطوات عاجلة “لعكس المسار المقلق للغاية الذي نراه في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية”، وشدد على أنه لن يكون هناك حل دائم لهذه الأزمة دون أفق سياسي لحل الصراع وإنهاء الاحتلال.
وأكد أن الاجتماع الوزاري المقبل لدعم حل الدولتين، الذي تستضيفه فرنسا والمملكة العربية السعودية بالاشتراك، يُعد “لحظة حاسمة” للتعبير عن الدعم للسلطة الفلسطينية، ولإثبات “من خلال خطوات ملموسة، التزامنا الثابت بحل الدولتين”.
رياض منصور، المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، قال إن إسرائيل دمرت البنية التحتية للحياة في غزة، لكن الهدف الحقيقي، حسبما قال، “هو تدمير مليوني فلسطيني ما زالوا في القطاع للسيطرة على الأرض”.
وقال السفير منصور إن سكان غزة يسمعون عن الغضب والإدانة إزاء أفعال إسرائيل في القطاع “لكنهم لا يجدون طعاما ينقذ حياتهم وحياة أحبائهم أو يُقتلون بالرصاص وهم يحاولون الوصول إليه. إنهم يدفنون أبناءهم وبناتهم كل يوم. إنهم ينحفون بينما تنهش أجسادهم كل يوم، ويضعفون، ويصبح كفاحهم من أجل البقاء أكثر إيلاما وسحقا كل يوم”.
وقال إن العالم اليوم يقف عند منعطف تاريخي، ودعا إلى “تشكيل تحالف من الراغبين في اتخاذ كل إجراء ضروري الآن لإنهاء الإبادة الجماعية، ودعم القانون الدولي، وإنقاذ ما تبقى من إنسانيتنا تحت الأنقاض في غزة، وإنهاء الاحتلال والصراع”.
المندوب الدائم لإسرائيل لدى الأمم المتحدة السفير داني دانون قال إن “إسرائيل تجعل الشرق الأوسط أكثر أمانا لكل من يقدّر السلام والهدوء”. وأضاف: “بمعنى آخر، نحن نقوم بعمل الأمم المتحدة بينما تفكك إسرائيل شبكات الإرهاب وتحمي أرواح الأبرياء”.
وقال إن “الوكالات الأممية تخلت منذ فترة طويلة عن الحياد”، على حد تعبيره. ووجه انتقادات لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وقال إن المئات من موظفي أوتشا يخضعون لتدقيق أمني، مع رفض تجديد تصاريح الموظفين الرئيسيين، مشيرا إلى أنه لن يتم تجديد تأشيرة رئيس مكتب أوتشا في الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن عليه المغادرة بحلول 29 تموز/يوليو. وقال: “كفى نفاقا، كفى تحيزا، كفى حملة تشهير لا نهائية ضد دولة إسرائيل”.